دهيروبهاي امباني امبراطور المال والاعمال الهندي البداية من عدن

صياغة وبحث وتجميع وترجمة - سهير أنور خان

إمبراطوريات التجارة والأعمال في الهند تطورت بشكل كبير واصبحت تضاهي إمبراطوريات الأعمال العالمية بل فاقت بعضها واصبح ملاكها من ضمن اشهر رجال الاعمال والأكثر ثراءً في العالم.

Dhirubhai Ambani Quotes

في الآونة الاخيرة حدث أننا سمعنا كثيراً عن عائلة أمباني التي تعتبر من اثرى العائلات ليس في الهند فقط بل على مستوى العالم ويعتبر رعيلها الأول من ضمن أكثر الشخصيات تأثيرا وثراءً في العالم. والبعض منا على الأكيد تابع العرس الإمبراطوري التاريخي الذي احتفلت به عائلة أمباني بزواج أحد أبناءهم وبناتهم وذلك عبر قناة ام بي سي بوليوود.

اشتهرت عائلة أمباني بإمبراطوريتها التجارية شهرة خيالية في مجال المال والأعمال على المستوى المحلي في الهند وكذا على المستوى العالمي وذلك عبر مؤسسها وعميدها دهيروبهاي أمباني او مثلما يقال عنه ظهير امباني Dhirubhai Hirachand Ambani ( دهيراج لال هاري شاند أمباني Dhirajlal Harichand Ambani  ) – من مواليد غوجارات الهند – 28 ديسمبر 1932 وتوفي في 6 يوليو 2002.

فهل تعلمون من اين بدأ عميد عائلة أمباني دهيروبهاي مشواره التجاري والمهني ،، لا تتفاجأوا ابداً فقد بدأها من عدن، نعم من مدينتنا الحبيبة عدن واليكم سيرته المهنية:

ذكر موقع دهيروبهاي أمباني الرسمي وموقع بريتانيكا المعلومات التالية:

كان دهيروبهاي إبناً لأب هندي عمل مدرساً في القرية وأم أمية من إقليم غوجارات، في عمر 17 سنة وبسبب سوء الأوضاع المعيشية والاقتصادية في الهند ( هاجر ) دهيروبهاي الى محمية عدن لغرض العمل وكسب المال. بدأ حياته المهنية كاتب بسيط في شركة انطونين بيس Antonin Besse وشركاه والتي كانت تعتبر وقتها بأنها أكبر شركة تجارية عابرة للقارات في منطقة شرق السويس على مستوى العالم ككل – تعلم فيها الكثير من المهارات المهنية والعلوم التجارية وفن التجارة والاعمال ثم عاد الى بومباي في عام 1958م.

لن اتطرق عن حياة إمبراطور التجارة الهندية  في فترة ما قبل ذهابه إلى عدن او ما بعد عودته من عدن الى مومباي ولكن مايهمنا هنا هو تفاصيل حياته أثناء تواجده في عدن والآن دعوني أسرد لكم الاحداث التي مر بها أمباني في عدن منذ وصوله وحتى رحيله عن عدن:

يقول دهيروبهاي:

بعد ان انهيت الصف العاشر من مرحلتي الدراسية استدعاني والدي وقال لي لم يعد بمقدوري أن أتحمل تكاليف مواصلتك لدراستك منذ الان بسبب سوء حالتي الصحية وعدم مقدرتي على بذل المزيد من الجهد في العمل واتمنى ان تبدأ أنت بالعمل منذ الآن من أجل توفير المال للعائلة، رامنيك بهاي رتب لك وظيفة في محمية عدن Colony Of Aden ولابد ان تهاجر وتذهب الى هناك للعمل وكسب المال.

طموح دهيروبهاي كان إتمام التعليم والحصول على البكالوريوس ولكن عينا والديه البائستين والتي أستجدته بأن يهاجر في سبيل الكسب المادي وامكانية تمويل العائلة التي كانت بأمس الحاجة للمال حينها جعله يتخلى عن طموحه ويقبل الهجرة إلى عدن. وفي صباح اليوم التالي ذهب لاستخراج جواز سفر ولم يكن من المطلوب حينها استخراج فيزا لدخول عدن لمواطني الهند و باستعجال أتم إجراءات سفره خوفا من ظهور قرارات وقوانين جديدة قد تمنع مواطني الهند من السفر إلى عدن وخلال ايام قليلة هاجر من بومباي إلى عدن حتى قبل ان يتم اعلان نتائج امتحانات الصف العاشر. حيث علم دهيروبهاي عن نجاحه فقد تحصل على المركز الثاني في الامتحان وهو على متن الباخرة في طريقه إلى عدن ( مدينة الأحلام ).

فور وصوله إلى عدن ، التحق دهيروبهاي في وظيفته بنفس يوم وصوله. كانت وظيفة كاتب في شركة بيس التي سميت على اسم مؤسسها الفرنسي أنتونين بيس Antonin Besse. في تلك الحقبة ، كانت عدن تعتبر ثاني أكثر الموانئ ازدحامًا بالحركة التجارية والتزود بالوقود في العالم بعد لندن بمناولة أكثر من 6300 سفينة و 1500 مركب شراعي سنوياً.

وهنا في عدن كانت شركة بيس أكبر شركة تجارية عابرة للقارات في شرق السويس على مستوى العالم، كانت تعمل في كل فرع من فروع التجارة منها حجز البضائع و المناولة والشحن، تجارة الجملة كما عملت شركة بيس كوكيل تجاري لعدد كبير من الشركات الأوروبية والأمريكية والإفريقية والآسيوية وتعاملت مع جميع أنواع السلع بدءاً من السكر والتوابل والحبوب الغذائية والمنسوجات وصولاً الى الأدوات المكتبية والآلات والمنتجات البترولية.

تم تعيين دهيروبهاي في قسم تجارة السلع في البداية وفي وقت لاحق تم نقله الى القسم المتخصص بالمنتجات البترولية لشركة النفط العملاقة ( BP ).

يقول دهيروبهاي اخبرت اصدقائي بعدها وفي السنوات اللاحقة بأنني تعلمت الكثير في بيس، فقد كان سريع التعلم والاستيعاب فتعلم في عدن وفي شركة بيس طرق تداول السلع، البيع والشراء في أعالي البحار، التسويق والتوزيع، تداول العملات ، إدارة الأموال وخلال إستراحة الغذاء جاب كل الأسواق والبازارات في عدن ووجد مزيج وخليط من التجار القادمين من مختلف القارات والبلدان المختلفة وذهل من ضخامة التبادل التجاري في أسواقها حيث كانت تصل عمليات البيع والشراء والتبادل التجاري في أسواق عدن حينها الى ملايين الجنيهات الاسترلينية والتي كانت تعتبر العملة العالمية السائدة آنذاك.

وحرص بعد انتهاء وقت دوامه باللقاء بالعديد من التجار من أنحاء أوروبا وأفريقيا والهند واليابان والصين فقد كانت عدن أكبر ميناء تجاري تهبط فيها البضائع من جميع انحاء العالم ثم يتم ارسالها من عدن الى اقاصي وزوايا القارات المختلفة في العالم كانت عمليات تجارية مذهلة لايمكن وصفها بالكلمات.

شعر دهيروبهاي بإغراءات المضاربات التجارية والصفقات التي كانت تعقد في عدن ولكنه لم يكن يملك المال فقد كان لازال خاماً لمثل هذه الصفقات التجارية الضخمة جدا على مستوى العالم، ومن أجل أن يتعلم حيل التجارة وأساليبها في سبيل صقل امكانياته ومهاراته في هذا الجانب كان على دهيروبهاي العمل مجاناً وتطوعاً في سبيل التعلم في شركة غوجاراتية، حيث تعلم فيها المحاسبة، ومسك الدفاتر، إعداد اوراق ووثائق الشحن، التعامل مع البنوك وشركات التأمين القيام بالأعمال المكتبية وصياغة الرسائل التجارية وإعداد المستندات القانونية وكذا تعلم مهارة الإختزال وهي من المهارات التي من شأنها أن تكون مفيدة في تحقيق طموحه.

في سكنه الداخلي المشترك مع مجموعة 25 من الزملاء الموظفين والعمال عكف دهيروبهاي على قراءة الكتب والصحف والمجلات وحاول تثقيف نفسه على اوسع نطاق.

يقول دهيروبهاي اكثر شيء تعلمته هو أنه لا يمكن تحقيق أي شيء كبير بدون المال والتأثير والسلطة ، وتعلمت أيضًا أن المال والتأثير والسلطة وحدهما لا يمكنهما تحقيق أي شيء في الحياة ، كبيرًا كان أو صغيرًا ، بدون المعاملة الإنسانية والبشرية في كل الخطوات والأفعال والكلمات.

بعد ان اعتقد انه قد تعلم أساسيات تجارة السلع قرر دهيروبهاي البدء في القيام بالمضاربات التجارية وعقد صفقات البيع والشراء لمختلف السلع في أعالي البحار ولكنه لم يكن يملك المال الكافي للقيام بهذه الأعمال التجارية فتوجه الى اصدقائه وأصحاب المتاجر الصغيرة في مختلف الأسواق في عدن واقترض منهم المال وعرض عليهم استثمار الأموال المقترضة منهم تحت مبدأ ( نتشارك الربح والخسارة يتحملها هو بمفرده ) واستغل وقت الغذاء وفترة ما بعد الدوام للتحرك في كافة الجهات والبدء بالأعمال والمضاربات التجارية.

سرعان ما اكتشف كل من حوله بأن لديه موهبة خارقة في عقد الصفقات والمضاربات التجارية و التداول والتبادل، وكان نادراً ما يخسر المال في صفقاته فقد كانت غريزة التجارة موجودة بداخله وكان يستمع لكل جملة وكلمة وحرف يقال في السوق ويتعلم منه ويعمل على تقييم صفقاته ويتعلم منها دروس.

في غضون ذلك تم إنشاء مصفاة BP للنفط وأول ميناء نفطي في عدن في يوليو من عام 1954م وهو نفس العام الذي زار فيه دهيروبهاي وطنه الأم الهند لغرض الزواج من السيدة كوكيلا بهن، وبحسب المتوقع أصبحت شركة بيس الوكيل العام لكافة منتجات مصفاة BP في عدن وخلال السنوات الخمس الأولى بلي دهيروبهاي بلاءً حسناً في مهامه العملية المكتبية فتمت ترقيته وإرساله للعمل في محطة تعبئة الزيوت في المرفأ المشيد حديثاً في عدن وأحب كثيراً هذا العمل رغم ان هذه الوظيفة تتطلب جهداً أكبر مقارنة بالعمل في قسم السلع ولكن في وظيفته الجديدة اكتسب المزيد من الصداقات وتوسعت علاقاته في العمل وتكوين صداقات مع القباطنة و البحارة والتجار واكتسب منهم معلومات كثيرة عن مناطق وبلدان كان فقط يقرأ عنها في الكتب والمجلات ومن هنا بدأ يحلم بإنشاء مصفاة خاصة به يوماً ما. وكانت تلك  احدى الأفكار المجنونة التي ظلت تراوده خلال مسيرته المهنية والتجارية وقد سمع في عدن يوماً مثلاً شهيراً وهو ( لابد من صنعاء وان طال السفر ) ولم ينسى هذا القول في حياته قط.

في اواخر عام 1950م شعر الجميع بأن الوجود البريطاني لن يستمر بسبب نشوء الثورات العربية المطالبة بالاستقلال وظهر أثرها جليا في محمية عدن واقترح بعض الأصدقاء على دهيروبهاي بالانتقال للعيش في بريطانيا خاصة وأنه قد جمع الكثير من عمله في عدن سواءً في وظيفته مع شركة بيس أو مضارباته التجارية في أسواقها وفي أعالي البحار، وبدأ دهيروبهاي بالتفكير جدياً في إنشاء مشروع تجاري خاص به وفي عام 1952 توفي والده وأيضا رزق بابنه البكر موكيش أمباني في أبريل 1957م في عدن.

 عاد دهيروبهاي وزوجته الى الهند ولم تكن لديه القناعة بالاستقرار في بريطانيا  ومن وطنه الأم بدأ بتحقيق احلامه شيئاً فشيئاً الى ان اصبحت لديه امبراطورية من أضخم الإمبراطوريات في مجال المال والأعمال على المستوى العالمي.

بعد وفاته في عام 2002م تحمل ابنه موكيش أمباني مسئولية إمبراطورية أمباني الشهيرة على مستوى العالم أجمع حيث يعتبرموكيش امباني من اكثر الشخصيات الاسيوية تأثيرا في العالم كما حصل على المركز السادس في قائمة اثرياء العالم.

 صياغة وبحث وتجميع وترجمة - سهير أنور خان

المصدر 

موفع دهيروبهاي امباني الرسمي وموقع بريتانيكا الاكاديمي